الصلاة عبادة ورياضة[*]
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾[1]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾[2]. وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر))[3]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة))[4].
للصلاة في الإسلام منزلة عظيمة جدًا، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد))[5].
لقد عني الإسلام بالصلاة عناية خاصة وأمر بإقامتها والمحافظة عليها في الحضر والسفر، في السلم والحرب، في الأمن والخوف، في الصحة والمرض، فقال تعالى: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {238} فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ {239}﴾[6]. وقد بيَّن القرآن الكريم والسنة المطهرة كيفيتها في السفر والحرب والأمن.
والصلاة عبادة تتضمن أقوالاً باللسان وأفعالاً بالبدن، وهي صلة بين العبد وربه، ولمن أقامها وداوم عليها وأحسن أداءها وخشوعه فيها من الأجر والفضل والإكرام، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وهي ((سبب في رقيه في مدار الإيمان والإحسان بمقدار حضور قلبه وفكره وخشوعه، وسبب في تمكنه في مكارم الأخلاق وبعده عن الفحشاء والمنكر)).
وبالصلاة يمحو الله الخطايا، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟)) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا))[7]، وعنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن، ما لم تُغش الكبائر))[8].
لست هنا في صدد الحديث عن فضائل الصلاة ومنافعها، لأن الحديث عنها لا ينتهي، إنما أريد أن أقول إن الله عزَّ وجلَّ قد جعل الصلاة خيرًا للمسلم، ففوائدها لا تقتصر على ما يناله المسلم في الآخرة فحسب بل تشمل البدن أيضًا بفوائد يحصل عليها هنا في الدنيا...
فهناك فوائد بدنية عظيمة لا تعد، ينعم الله بها على المسلم بواسطة الصلاة، على الرغم من أنه يؤديها بنية تنفيذ أمر الله عزَّ وجلَّ وطلبًا لمرضاته وتقربًا إليه.
فالمسلم حين يؤدي الصلاة فإنه - ودون أن يلقي لذلك بالاً - يقوم بتمارين تشمل جميع البدن من أعلى الرأس إلى أخمص القدم. ففي كل حركة من حركات الصلاة هناك عضلات ومفاصل وأوتار وأربطة.. إلخ تشترك جميعًا في تأدية الحركة مما ينتج عنه تقويتها وتنشيطها.
ولو قيل لأحد المصلين إنه يؤدي خمسين حركة كل يوم لأصابته الدهشة، ومع ذلك فهو - كما سترى فيما بعد إن شاء الله - يؤدي عددًا من الحركات يفوق كثيرًا هذا الرقم. فالصلاة عمل بسيط وحركات قليلة متكررة خمس مرات في اليوم، ولكن إذا أحصيتها جميعًا وجدت أرقامًا مذهلة.
الصلاة والتمارين الرياضية[*]
إنَّ المسلم المحافظ على أداء الصلوات، يمارس فيها من الحركات البدنية المتكررة ما مجموعها يفوق مجموع الحركات التي يؤديها ممارس التمارين الرياضية - هذا إذا فرضنا أنه يمارس التمارين كل يوم - ولكن إذا علمنا أنَّ معدل ممارسته للتمارين هي ثلاث مرات في الأسبوع أو أقل عندها لا يبقى أي مجال للمقارنة؛ لأن المسلم لا يؤدي الصلاة مرة واحدة في اليوم بل خمس مرات.
وبعض الرياضات قد يمنع من ممارستها بعض الفئات من الناس: كبار السن، ومرضى القلب على سبيل المثال، في حين يستطيع هؤلاء أداء الصلاة؛ لأن أداءها خال من أي خطورة، فحركاتها ليست عنيفة بل ناعمة وتؤدى ببطء وهدوء.
كما أن الصلاة ممكنة الأداء لجميع مراحل النمو، ابتداء من مرحلة الطفولة وحتى آخر يوم في عمر المسلم؛ لأنها لا تتطلب قدرًا عاليًا من القدرات والاستعدادات أو المواهب الخاصة.
لذا، فإن الصلاة من أكثر الأنشطة البدنية أمانًا وبعدًا بالفرد عما قد تسببه ألعاب رياضية من إصابات، كما أن أداءها لا يحتاج إلى استشارة الطبيب كما هو الحال في التمارين الرياضية وبعض الرياضات الأخرى، فهي إذًا بحق أفضل رياضة هوائية خفيفة تناسب جميع الناس.. إضافة إلى هدفها الأساسي وهو العبادة.
وكلنا يعلم الفوائد الأخرى للصلاة من النواحي الخُلقية والعقلية والاجتماعية والنفسية. كما أن لها قيمة تربوية في تعويد الفرد النظام والدقة، والمحافظة على المواعيد، والصدق والإخلاص، والتعاون والعمل مع الجماعة، خاصة أنها تؤدى بصورة جماعية وبتوقيت واحد.
فانظر إلى هذه النعم العظيمة التي ينعم الله بها على المسلم بالصلاة، فمن فضل الله وكرمه وحكمته أن دمج الرياضة أو الحركة - التي هي ضرورية للإنسان - في أكثر العبادات تكرارًا ، ألا وهي الصلاة.
لقد أخذ الأطباء في جميع بلدان العالم ينصحون الناس بممارسة الرياضة أو التمارين الرياضية للتعويض عن الحركة التي فيها حفظ الصحة والوقاية من الأمراض والتشوهات القوامية، وقد أخذ الناس فعلاً يخصصون أوقاتًا لمزاولة الرياضة، وأخذ الناس في بلادنا يسعون وراء التمارين ويبحثون عنها ليحركوا بها أجسامهم، وبعضهم تارك للصلاة وغافل عن النعم والفوائد التي تتضمنها.
فالسعي وراء التمارين وتخصيص الأوقات لممارستها هو شيء جيد ومطلوب، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما للتمارين الرياضية من فوائد بدنية، خاصة إذا مارسها الإنسان يوميًا، فهي تقوي العضلات، وتزيد من مرونة المفاصل، وتنشط الدورة الدموية، وتحسِّن عمل القلب، وتكافح السمنة، وتخفض الكولسترول وغيره من شحوم الدم المؤذية، وقد ثبت أن الذين يمارسون الرياضة والتمارين الرياضية لديهم مناعة ضد الأمراض أكثر من الذين لا يمارسون أي نشاط رياضي ويقضون معظم أوقاتهم جلوسًا.
والغربيون - من غير المسلمين - بحاجة إليها لأنها ملجأهم الوحيد، وليس لديهم صلاة مثل صلاتنا، ونحن إذا نظرنا إلى ظاهر الصلاة وجدنا حركات وتمارين لأجزاء الجسم المختلفة، ومن الطبيعي أن يكون لهذه الحركات والتمارين - فوائد بدنية مثل ما للتمارين الرياضية من فوائد أتيت على ذكرها قبل قليل.
إذًا.. نحن المسلمين لدينا هذه الصلاة ونمارس فيها من الحركات يوميًا أكثر مما يمارسه واحدهم من التمارين، وعلى الأقل أن يحافظ المسلم على أداء الصلاة عبادة فيكسب منها أنواعًا من الفوائد البدنية تلقائيًا، وإن أراد الاستزادة من الحركة فيمكنه أن يمارس بعض أنواع الرياضات المفيدة كالجري مثلاً: الجري في الهواء الطلق، أو الجري في المكان (في البيت) إن لم يرغب بممارسته في الشارع، ولا أقول المشي لأنه يمارسه فعلاً بالذهاب إلى المسجد خمس مرات في اليوم.
أو يمارس القفز في المكان، أو حتى التمارين الرياضية. بل يمكنه الاستزادة من الحركة بالصلاة فباب التنفل مفتوح ومستحب، وإن كنت أعتقد أن الأكثرية ممن يريدون الرياضة يسعون إلى تمارين خفيفة تكون شدة حملها كشدة حمل حركات الصلاة، فهذه إمكانية وقدرة الغالبية من الناس اليوم، ولا يتحمل ما هو أشد من ذلك إلا القليل.
إنني على ثقة من أنه ما من مدرب رياضي - حتى ولو كان من غير المسلمين - لو نظر نظرة رياضية إلى الصلاة وتفحص حركاتها - يستطيع أن ينكر كونها تتضمن رياضة مفيدة للجسم، خاصة إذا علم أن هذه الصلاة تؤدى خمس مرات في اليوم. وأحب أن أدعم قولي هذا بدليل مادي، فأذكر لك ما قاله مدرب كرة قدم برازيلي دخل في الإسلام وأصبح اسمه بعد إسلامه (مهدي إسلام) بعد أن كان اسمه «خوسيه فاريا» وعمره خمسون عامًا، يقول المدرب: ((.. وكذلك من دراستي للحركة التي يقوم بها المصلي وجدت أنها حركة رياضية مفيدة جدًا للجسم بالإضافة إلى ما تضيفه الصلاة من قوة إيمان وشفافية عظيمة أعظم ألف مرة من أي تدريب لليوجا)).
نعم.. هذا هو الحق، وهكذا يقول أي مدرب آخر إذا أراد أن يصدق القول ولا يكابر. والأطباء ينصحون شاربي الخمر أو المدخنين أو ممارسي العادات السيئة والأفعال المحرمة - بممارسة الرياضة لأنها حركة؛ ولأنها تساعدهم على ترك ما يفعلونه، هذا صحيح، ولكن الصلاة أبلغ في ذلك كونها تجمع بين الحركة، والعبادة التي لا توجد في الرياضة، وهي من باب أولى أن تنهي الإنسان عن الفعل السيئ والمحرم الضار بالجسم، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾[1].
وهذا ما فعلته فعلاً بالمدرب البرازيلي المذكور، فقد نهته صلاته عن المحرمات ومن ثَم تحسَّنت صحته، يقول المدرب: (( .. وقد استفدت أيضًا من البعد عن المحرمات أن تحسَّنت صحتي كثيرًا وأفادتني كرياضي كما أفادني الصوم تمامًا وأنا لا أرى أي تعارض بين الصيام والرياضة)).
((ويقول الدكتور فارس عازوري الاختصاصي في الأمراض العصبية والمفاصل من جامعات أميركا: إن الصلاة عند المسلمين وما تحتويه من الركوع والسجود تقوي عضلات الظهر وتلين تحركات فقرات السلسلة الظهرية، وخصوصًا إذا قام الإنسان بالصلاة في سن مبكرة، ويترتب على ذلك مناعة ضد الأمراض التي تنتج عن ضعف في العضلات التي تجاور العمود الفقري والتي ينشأ من ضعفها أنواع من أمراض العصبي تسبب الآلام الشديدة والتشنج في العضلات)).
نعم.. وهذا ما سيقوله كل طبيب منصف.. وللصلاة فوائد أخرى الله أعلم بها، يقول الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ {45} الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {46}﴾[2] ومن أجل ذلك يدعو الإسلام المريض إلى أداء الصلاة قائمًا أو قاعدًا أو مضطجعًا حسب استطاعته.
وجميع هذه الفوائد والمنافع تعود عليك لا على الله عزَّ وجلَّ. والله تعالى لم يفترض عليك الصلاة إلا لصالحك أنت، وما غضبه عندما لا تؤديها لأنك أصبته بشيء من الضرر، بل لأنك ظلمت نفسك..!.
حركات الصلاة وحركات التمارين الرياضية[*]
لقد أوضحت فيما سبق بأنه لا مانع من أن يمارس المسلم الرياضة عامة والتمارين الرياضية خاصة؛ إذا كان محافظًا على أداء الصلاة في أوقاتها الخمسة، ولكن المانع بل المحرم أن يمارس الرياضة أو التمارين ويصرف لها الأوقات الطويلة وذلك كله على حساب الصلاة وأوقاتها، خاصة - وهذا هو لب الموضوع - أن تلك التمارين ليست إلا صورة مشابهة لحركات الصلاة وهيئاتها، بل إنهم - وذلك في بعض التمارين - يجعلون من حركات الصلاة النموذج الذي يجب أن يحتذوه في أداء التمرين، كما سترى في تعليمات أحد التمارين بالصور المرافقة للموضوع، ولو تأملت جيدًا في هذه الصور لوجدت أن جميعها تشبه حركات الصلاة.
[img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img]
[img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إن هذه الصور وأمثالها تنشر عادة في كتب التمارين الرياضية وكتب اليوغا، ولنفترض أنك كنت تتصفح أحد هذه الكتب ورأيت تمرينًا يشبه حركة من حركات الصلاة وقرأت بجانبه عن بعض الفوائد التي يجنيها المتمرن بمواظبته على ممارسة هذا التمرين ثلاث مرات في الأسبوع، فماذا تستنتج من ذلك خاصة وأنك تمارس هذا التمرين نفسه في الصلاة؟.
ستستنتج بأنك - ولا شك - تحصل أيضًا على نفس تلك الفوائد المذكورة بأدائك للصلاة، بل تصبح متأكدًا وواثقًا من ذلك عندما تعلم بأنك لا تمارس هذا التمرين ثلاث مرات أو خمسًا في الأسبوع فقط، بل تمارسه خمس مرات في اليوم الواحد، وهذا في الفرائض فقط دون السنن..! ولذلك سترى بأنه من الأولى أن تنسب إلى الصلاة تلك الفوائد التي تذكر بجانب كل تمرين مشابه لحركة من حركات الصلاة.
وإليك الآن هذا الحساب اليسير لواحد من التمارين وهو (ميل الجذع للأمام)، وهذا يؤديه المصلي في (الركوع) و (السجود).
فالمتمرن يمارس هذا التمرين (10) مرات تقريبًا في الدرس الواحد، ومجموع ثلاث مرات في الأسبوع يكون:
10 × 3 = 30 مرة في الأسبوع.
نحسب الآن كم مرة يؤدي المسلم هذا التمرين في الصلاة في اليوم الواحد. إن مجموع ركعات الفرائض ومتوسط عدد ركعات السنن يكون (30) ركعة، والمعروف أنه في كل ركعة هناك ركوع واحد، فيكون مجموع عدد المرات: (30) مرة في اليوم.
والنتيجة: أن ما يؤديه المتمرن في أسبوع يؤديه المسلم في الصلاة في يوم واحد..! هذا ولم نحسب إلا (الركوع)، فإذا حسبنا أيضًا (السجود) يصبح المجموع كالآتي، مع العلم بأن في كل ركعة سجودين:
30 ركعة × 2 سجود = 60 مرة في اليوم.
60 سجود + 30 ركوع = 90 مرة في اليوم.
أي أن المسلم يؤدي في الصلاة تمرين (ميل الجذع للأمام) في اليوم الواحد فقط، ثلاثة أضعاف العدد الذي يؤديه الرياضي لهذا التمرين في أسبوع..!
وكما أن درس التمارين يحتوي على تمارين تشمل أعضاء الجسم الرئيسية: الرأس، الجذع، اليدين، الرجلين. فإن حركات الصلاة تشمل هذه الأعضاء أيضًا.
أرأيت ما أعجب هذا..؟! فكما ذكرت من قبل، إن الصلاة عمل سهل وحركات قليلة ولكن إذا أحصيت ما تؤديه فيها من الحركات في اليوم الواحد وجدت أرقامًا مذهلة، ومن ثَم ستكتسب من ذلك فوائد بدنية لا تحصى.
ولكن لا ينبغي للمسلم أن يؤدي الصلاة بنية الحصول على هذه الفوائد، بل يجب أن تكون نيته أنها عبادة خالصة لله تعالى، ومع إنني أؤمن بأنه لا يوجد مسلم واحد قد يؤدي الصلاة بنية الحصول على الفوائد البدنية فقط، إلا إنني أحببت أن أذكر ذلك حتى لا يخطئ أحد فهمي وقصدي، وفيما ذكرته تنبيه على ما تركته.
حركة الصلاة نموذج للرياضيين:
في تعليمات لأحد التمارين الرياضية في كتاب لليوغا جعلوا هيئة السجود في صلاة المسلم نموذجًا لكي يقلده (اليوغي). وبالطبع ذكروا أن لهذا التمرين وتمرين آخر مماثل فوائد كذا وكذا، ولكننا نستطيع أن ننسب هذه الفوائد للسجود أيضًا، بل وهذا هو الأولى، خاصة بالنسبة لمسألة عدد مرات التكرار. وإن كان ذلك في حق هذا التمرين الذي يشبه السجود فهو أيضًا بحق كل التمارين التي تشبه حركات الصلاة الأخرى.
يذكرون عن فوائد مثل هذا التمرين ما يلي:
((هذا التمرين يعالج آلام العمود الفقري وعضلات الظهر ويقويها. ويفتح الشهية، ويقوي المعدة، وفوق ذلك ينشط ويقوي الغدد الدرقية وفوق الدرقية والغدة الصنوبرية واللوزتين وغدد اللعاب والرقبة)).
يقول الدكتور محمود النسيمي: ((يستفيد المصلي من حركات الصلاة وفي اتخاذ الأوضاع القويمة أثناء أداء أركان الصلاة والانتقال من ركن إلى ركن، يستفيد فائدة التمرين الرياضي وتقوية العضلات الباسطة للعمود الفقري وفائدة إصلاح الأوضاع المعيبة من جهة ثانية. وبناء على ذلك تعتبر الحركات والأوضاع الخاصة في الصلاة من الرياضة الغريزية، يجني ثمرتها المصلي مع أنه يؤدي تلك العبادة بنية تنفيذ أمر الله تعالى طلبًا لمرضاته وتقربًا إليه))[4].
ويقول الدكتور عازوري: ((.. هذا وقد أحدث بعض العلماء تمارين لتقوية عضلات أسفل الظهر تشبه حركات الصلاة في بعض صورها))[5].
إن في دوام الصلاة دوام الصلة الوثيقة بين الإنسان وخالقه. وإن في الصلاة ممارسة رياضية يومية ذات طعم خاص تحفظ للإنسان العاقل لياقة البدن وصفاء الذهن. الصلاة إذًا رياضة الإيمان ودواء من أدوية الرحمن ارتضاها الخالق وصاغها لعباده حبًا بهم ورحمة.
ها قد مضى إلى اليوم أكثر من أربعة عشر قرنًا على ما بشَّر به الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم من تعاليم الرحمن، تعاليم تحفظ للإنسان تمازج لياقته البدنية وصحته النفسية واستقرارهما السليم.
فالصلاة ركن أساسي من أركان الشفاء، من أقامها تعافى ومن أهملها أصبح فريسة لشتى الأمراض، وحضارة اليوم تفخر بممارسة الألعاب السويدية وجلسات اليوغا وخلوات التأمل ورياضة الإيقاع (الحركات مع الموسيقى) وعشرات من أمثال هذه الأنشطة.
وحضارة اليوم تنصح بهذه الحركات والممارسات لمن هدَّت أعصابه عوامل التوتر والقلق، وحضارة اليوم تنصح بالتأمل لمن يريد الاسترخاء وغاب عن مجتمعنا العربي قبل مجتمعات الغرب أن أداء الصلاة يوميًا بخشوع وإيمان فيه كل الخير، وفيه الوقاية من الأمراض والشفاء، وفيه الطمأنينة والهدوء، وفيه الفرح والسرور، وفيه زوال الهم والغم...
إن الصلاة بحق رياضة ذات نكهة ربانية لا يجاري فوائدها الصحية أي نظام رياضي على الإطلاق... وإن لكل صلاة وقتًا ينبغي أن تقام في حينه. وهذه حكمة إلهية عظيمة سبقت ما أدركه علماء اليوم من ميزة الممارسات الرياضية بشكل يومي بعيدًا عن إجهاد البدن، وهذا جل ما تتمتع به حركات الصلاة من مزايا.
ومما سبق نتيقن مدى أهمية وفائدة الصلاة وحركاتها التي تماثلها هذه التمارين الرياضية واليوغية، التي ينصح الأطباء بها ويتسابق الناس -وفي الغرب خاصة- إلى ممارستها للحصول على فوائدها البدنية والنفسية، مع إقامة الضجة حولها وكأنها اكتشاف عظيم، في حين هي جزء لا يتجزأ من صلاة - يتكرر أداؤها خمس مرات في اليوم - جاء بها الإسلام منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان.
وللموضوع بقه
وارجوا الا اكون قد اطلت عليكم
منقول للامانه العلميه[img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img]