لماذا فشل التعليم فى تحقيق اهداف المجتمع

يقول الدكتور كمال دواني‮ ‬كل من‮ ‬يرغب في‮ ‬جعل هذا العالم مكاناً‮ ‬أفضل للإنسان حاضراً‮ ‬ومستقبلاً‮ ‬عليه أن‮ ‬يبدأ بإصلاح التربية وتحسينها وأن‮ ‬يعتبر التربية رأسمال الحقيقي‮ ‬للمجتمع لأن الإنسان هو أغلى رأس مال في‮ ‬المجتمع‮. ‬
لاشك أن تنوع التعليم الثانوي‮ ‬أصبح ضرورة من ضرورات المجتمع النامي‮ ‬فالغالبية الساحقة من طلابنا سابقاً‮ ‬يتخرجون في‮ ‬المدرسة الثانوية التقليدية بقسميها الأدبي‮ ‬والعلمي‮ ‬وهم لايحملون إلا بعض المعلومات والمعارف التي‮ ‬تمكنهم من الالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا‮. ‬
والمجتمع الجماهيري‮ ‬يسعى نحو تقدم تكنولوجي‮ ‬حديث‮ ‬يحتاج أكثر مايحتاج إلى فنيين ومهنيين ولهذا مرحلة الدراسة الثانوية مطالبة بإعداد مثل هذه الفئة من الناس ومطالبة كذلك بتأهيلهم وتحضيرهم وإعدادهم للدراسة بمعاهد فنية ومهنية عليا توازي‮ ‬بمستواها الجامعات الأخرى بل الأفضل لمستقبل الفرد ومجتمعه مادياً‮ ‬ومعنوياً‮. ‬
إن فلسفة استحداث الثانويات التخصصية مفهوم‮ ‬يقوم على أساس البرامج الحديثة والإمكانات الواسعة التي‮ ‬تهيئ للطالب فرصة حرية الاختيار في‮ ‬المجال الدراسي‮ ‬الذي‮ ‬يناسب قدراته وميوله وتوفير الوسائل التعليمية اللازمة لتطوير القدرات واكتساب المهارات في‮ ‬هذا المجال أو ذاك هذا بالإضافة إلى توفير خلفية ثقافية مشتركة عامة‮ ‬يشترك فيها جميع الطلبة في‮ ‬مختلف التخصصات وحيث أن التقدم الذي‮ ‬نرجوه لمجتمعنا لايمكن أن‮ ‬يتم باستحداث المدارس التخصصية بالمرحلة الثانوية فقط ولكن علينا بالضرور أن نعترف بأن مهنة التعليم كمهنة الطب والهندسة وغيرها لها هويتها وشروطها وعلى كل من‮ ‬يمتهنها أن‮ ‬يكون أهلاً‮ ‬لها والمجتمع بعد ذلك أن‮ ‬يكون أهلاً‮ ‬له.إنها أهم وأخطر بكثير من مجرد عمل لمار في‮ ‬طريق أو عمل لكل من‮ ‬يحصل على شهادة جامعية في‮ ‬علم من العلوم‮. ‬
إن متطلبات الإجازة لممارسة مهنة المعلم‮ ‬يجب أن تفوق متطلبات الإجازة لأي‮ ‬مهنة من المهن لأن هذه الإجازة‮ ‬يتوقف عليها المستوى الحضاري‮ ‬الثقافي،‮ ‬الاقتصادي،‮ ‬الاجتماعي،‮ ‬السياسي‮..‬إلخ للمجتمع وستجيز لصاحبها أن‮ ‬يمارس أخطر وأهم مهنة ألا وهي‮ ‬مهنة صناعة الأجيال‮.. ‬
هذا بالإضافة إلى أننا بحاجة أكثر من أي‮ ‬وقت مضى إلى إعادة النظر جدياً‮ ‬في‮ ‬برامج المعلم التأهيلية والتدريبية وتطويرها إلى برامج حديثة تعمل على إكساب المهارات اللازمة والاتجاهات المناسبة وتواجه مشاكله الفردية و التطور مهنياً‮ ‬ومن خلال تجربة معاشة حتى أسلوب الدورات الصيفية أو التنشيطية بمفهومها الشائع والمحاضرات التي‮ ‬تعطى للمعلمين في‮ ‬أغلبها عديمة الفائدة لافتقارها للجدية مع عدم وجود حوافز وضوابط وتقييم وحتى للأسف في‮ ‬الغالب لاتتم متابعة من تخلف عن الحضور بسبب أو بدون سبب وهم الأغلبية الأمر الذي‮ ‬لم‮ ‬يمكّنها من تغيير وتحسين اتجاهاته ومواقفه التعليمية ولا تحسين أدائه التعليمي‮ ‬في‮ ‬غرفة الفصل الدراسي‮ ‬وتقدم التقارير في‮ ‬نهايتها على أنها دورات ناجحة من حيث الاستفادة والالتزام وعدم الغياب‮.. ‬وهنا‮ ‬يكون الخداع والنفاق وخاصة بعد أن تمنح الشهادات للجميع بما في‮ ‬ذلك الذي‮ ‬تغيّب تفيد باجتياز الدورة بنجاح‮.. ‬
أما وسائل التقويم للامتحانات وأساليبه في‮ ‬مدارسنا‮ "‬عدا امتحانات الشهادات العامة‮" ‬لاتتعدى مفهوم الامتحان التقليدي‮ ‬المحدود الذي‮ ‬يصنف التلاميذ إلى ناجحين وراسبين بدلاً‮ ‬من أن تستخدم كوسيلة لتقويم العملية التربوية وكعملية إرشاد للتلميذ تساعده على استغلال ما‮ ‬يملك من قدرات وإمكانات وتعينه على التقدم‮ .. ‬والأخطر من ذلك كله في‮ ‬السنوات الأخيرة أن أسلوب الامتحانات وكافة العاملين به ساهمت في‮ ‬زرع أخطر مرض اجتماعي‮ ‬وهو‮ "‬الغش‮" ‬لدى أغلب طلابنا ولو قمنا بدراسة ميدانية لعدد‮ ‬100 طالب لاتضح لك أن أكثر من‮ ‬90 منهم مارس عملية الغش بطريقة مباشرة أو‮ ‬غير مباشرة والأخطر من ذلك كله الدور الفعال الذي‮ ‬يقوم به المعلم وولي‮ ‬الأمر بكافة المراحل التعليمية وكثيراً‮ ‬مانسمع ونشاهد بأن طلاباً‮ ‬رسبوا في‮ ‬الدور الأول في‮ ‬جميع المواد نجدهم نجحوا الدور الثاني‮ ‬بتقدير جيد جداً‮ ‬وممتاز علماً‮ ‬بأن الفترة الزمنية الفاصلة بين امتحان الدور الأول والثاني‮ ‬لاتزيد عن ثلاثة أسابيع وأخيراً‮ ‬أن أبرز ماجلبه هذا الوضع التعليمي‮ ‬من أضرار في‮ ‬هذا المجال أنه أهمل الطلاب الذين‮ ‬يبعدون بقدراتهم عن الوسط كالطالب الموهوب والطالب المتخلف أي‮ ‬أن النشاط المدرسي‮ ‬الموجه نحو الامتحانات لايستطيع أن‮ ‬يهتم بمثل هذه الفئات من الطلاب فيهمل الموهوب ويطمس مواهبه ويهمل الطالب البطيء أو المتخلف تعليمياً‮ ‬فيزداد تخلفا والحل الجذري‮ ‬لهذه المشكلة لايتم إلا عن طريق تغيير أهداف النشاط المدرسي‮ ‬بحيث‮ ‬يصبح الطالب محورها وتغيير أسلوب التعليم بحيث‮ ‬يصبح تعليماً‮ ‬ديمقراطياً‮ ‬يراعي‮ ‬التفاوت في‮ ‬قدرات الطلاب ويوفر للطالب الموهوب الوسائل كي‮ ‬ينمي‮ ‬مواهبه وللطالب المتخلف كي‮ ‬ينمي‮ ‬أقصى ماعنده من قدرات‮. ‬
قد‮ ‬يكون كل ماذكرته علاجاً‮ ‬نظرياً‮ ‬أكثر منه عملياً‮ ‬ولكن الشيء الذي‮ ‬لايستطيع أن‮ ‬ينكره أحد أن مستوى التعليم بصفة عامة أقل من المستوى المستهدف والذي‮ ‬يطمح له المجتمع الجماهيري‮. ‬


التعليقات (0)

مشكوووووووووووووووووررررررررررررررررررره